يعتبر التستر التجاري جريمة اقتصادية خطيرة تؤثر على المنافسة العادلة وتضر بالاقتصاد الوطني، وتتطلب مكافحته جهودًا متكاملة تشمل التبليغ والتحقيق والمراجعة القانونية والتعاون بين مختلف الجهات، ومن خلال تطبيق هذه الإجراءات بفعالية يمكن تحقيق بيئة تجارية صحية وآمنة تعزز من نمو الاقتصاد واستقراره.
إثبات التستر التجاري
هو ممارسة غير قانونية تتضمن تمكين غير السعوديين من ممارسة النشاطات التجارية في المملكة دون الحصول على التراخيص اللازمة .
أو دون أن تكون لديهم الكفاءة القانونية المطلوبة، ويهدف إلى الالتفاف على القوانين واللوائح التجارية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني وينتهك حقوق المنافسة العادلة.
يتم إثبات التستر التجاري عبر عدة خطوات وآليات تضمن العدالة وتطبيق القانون بشكل صارم، وإليك كيف يتم إثبات التستر التجاري والآليات المتبعة في ذلك:
- التبليغات والشكاوى
تبدأ عملية الكشف عن التستر التجاري غالبًا من خلال التبليغات والشكاوى المقدمة من المواطنين أو المقيمين أو الجهات الرسمية، وتوفر المملكة آليات متعددة لتقديم هذه الشكاوى مثل الخطوط الساخنة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية، حيث يمكن تقديم الشكاوى بسرية تامة لحماية المبلغين.
- التحقيقات الميدانية
بعد تلقي البلاغات تقوم الجهات المختصة مثل وزارة التجارة والهيئة العامة للزكاة والدخل والجمارك بإجراء تحقيقات ميدانية، وتشمل زيارة المنشآت التجارية وجمع الأدلة المادية والمستندات المتعلقة بالنشاط التجاري مثل السجلات المحاسبية والمالية والعقود.
- مراجعة الوثائق والسجلات
تعتبر مراجعة الوثائق والسجلات المالية والتجارية جزءًا أساسيًا من عملية التحقيق، ويتم فحص الحسابات البنكية، والسجلات المحاسبية، والعقود التجارية لمعرفة ما إذا كانت تعكس النشاط التجاري الحقيقي للمنشأة كما يساعد هذا الفحص في كشف أي تناقضات أو تلاعبات في البيانات المالية.
- المقابلات والشهادات
تشمل التحقيقات أيضًا إجراء مقابلات مع أصحاب العمل والعاملين والشركاء التجاريين والعملاء، ويتم توثيق الشهادات والأقوال وتقييمها للتأكد من مصداقيتها ولمعرفة مدى تورط الأفراد في عمليات التستر كما تساعد هذه المقابلات في رسم صورة واضحة عن كيفية سير العمل داخل المنشأة.
- التعاون مع الجهات المختصة
تتعاون الجهات المسؤولة عن مكافحة التستر التجاري مع جهات أخرى مثل الشرطة والجمارك والبنوك لتبادل المعلومات والبيانات التي قد تساعد في كشف التستر، وهذا التعاون يساهم في تعزيز فعالية التحقيقات وسرعة الوصول إلى الأدلة.
- التكنولوجيا والتحليل الرقمي
في العصر الرقمي تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في الكشف عن التستر التجاري، وتستخدم الجهات المعنية تقنيات التحليل الرقمي لرصد وتتبع العمليات المالية والتجارية المشبوهة كما يساعد استخدام البرمجيات المتقدمة في تحليل كميات ضخمة من البيانات لاكتشاف الأنماط غير الاعتيادية.
- الإجراءات القانونية
بعد جمع الأدلة الكافية يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأفراد والمنشآت المتورطة في التستر التجاري، وتشمل فرض الغرامات المالية، وسحب التراخيص، ومنع المخالفين من مزاولة النشاط التجاري، وأحيانًا تصل إلى العقوبات الجنائية والسجن.
- التوعية والتثقيف
بالإضافة إلى الإجراءات القانونية تقوم الحكومة بحملات توعية وتثقيف للمجتمع حول مخاطر التستر التجاري وأضراره على الاقتصاد الوطني، وتهدف هذه الحملات إلى تشجيع المواطنين والمقيمين على التعاون مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أي حالات اشتباه.
اطلع على: 4 أضرار فتح السجل التجاري وخطوات فتح السجل في المملكة
أنواع التستر التجاري
التستر التجاري بأشكاله المتنوعة يشكل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد الوطني وبيئة العمل في السعودية، لذلك من الضروري تكثيف الجهود لمكافحة هذه الظاهرة من خلال التشريعات الصارمة، وتعزيز الوعي المجتمعي.
وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أي حالات مشتبه بها، وفقط من خلال تعاون الجميع يمكن الحد من هذه الظاهرة وتحقيق بيئة تجارية عادلة ومستدامة، ويمكن تقسيم الأنواع إلى الفئات التالية:
- التستر المالي
يحدث التستر المالي عندما يتم تمكين الأجانب من إدارة النشاطات التجارية من خلال استخدام حسابات بنكية ومالية تابعة لمواطنين سعوديين، وفي هذا النوع يتم تسجيل الأصول والإيرادات والمصاريف باسم المواطن السعودي، بينما يقوم الأجنبي بإدارة العمليات المالية بشكل كامل.
- التستر الإداري
في هذا النوع يكون التستر على مستوى الإدارة والقرارات التشغيلية، ويتم منح الأجانب السيطرة الكاملة على الإدارة والقرارات اليومية للمنشأة، بينما يحتفظ المواطن السعودي بالاسم القانوني للشركة والصفة الشكلية فقط كما يُدار النشاط التجاري بشكل كامل بواسطة الأجنبي دون أي تدخل فعلي من المواطن السعودي.
- التستر الوظيفي
يتعلق التستر الوظيفي بتوظيف الأجانب في مناصب عليا أو حيوية في الشركات دون الحصول على التراخيص اللازمة، ويتخذ هذا النوع شكلين رئيسيين: الأول هو تعيين الأجانب في مناصب إدارية أو قيادية، والثاني هو توظيفهم كواجهة للتستر على نشاطات تجارية يديرها الأجانب بشكل فعلي.
- التستر العائلي
يحدث التستر العائلي عندما يتم تسجيل النشاطات التجارية باسم أحد أفراد الأسرة السعودية، بينما يقوم أجنبي بإدارة النشاط بشكل فعلي، ويكون هذا النوع من التستر غالبًا صعب الكشف عنه بسبب العلاقة العائلية التي تجمع الأطراف، والتي تسهل عملية التستر والتخفي.
- التستر عبر الشراكة الوهمية
في هذا النوع يقوم المواطن السعودي بعقد شراكة وهمية مع الأجنبي، حيث يتم تسجيل الشراكة بشكل قانوني على الورق فقط، بينما يقوم الأجنبي بإدارة النشاط التجاري والاستفادة من الأرباح، ويكون دور المواطن السعودي مقتصرًا على التغطية القانونية فقط دون أي مشاركة فعلية في إدارة النشاط.
- التستر عبر التوكيلات التجارية
يتم هذا النوع من التستر من خلال منح توكيلات تجارية للأجانب تتيح لهم إدارة النشاط التجاري بشكل كامل كما تُستخدم التوكيلات كواجهة قانونية لتمكين الأجنبي من ممارسة النشاط التجاري تحت اسم المواطن السعودي.
اطلع على: تعريف العلامة التجارية في القانون السعودي
عقوبة التستر التجاري لأول مرة
تسعى المملكة إلى مكافحة التستر التجاري بصرامة من خلال تطبيق عقوبات رادعة على المخالفين لضمان بيئة تجارية عادلة ومنظمة، وتتضمن العقوبات التي تُفرض على مرتكبي جريمة التستر التجاري لأول مرة مجموعة من الإجراءات القانونية التي تهدف إلى ردع المخالفين وحماية الاقتصاد الوطني، ووفقاً لنظام مكافحة التستر التجاري في المملكة، فإن العقوبات تشمل:
- الغرامات المالية
تُفرض غرامة مالية تصل إلى 5 ملايين ريال سعودي على المخالفين، وقد تختلف قيمة الغرامة بناءً على حجم ونوع المخالفة والأضرار الناجمة عنها.
- السجن
يمكن أن تصل العقوبة بالسجن إلى مدة لا تزيد عن خمس سنوات، وذلك بناءً على تقدير المحكمة لحجم الجريمة وخطورتها.
- مصادرة الأصول
تُصادر كافة الأصول والأموال التي تم الحصول عليها من خلال التستر التجاري، وتشمل هذه المصادرة الأموال النقدية، والممتلكات، والمعدات، والعوائد المتحققة من النشاط التجاري.
- الترحيل
في حال كان المتستر عليه من غير السعوديين يُفرض عليه الترحيل من المملكة بعد تنفيذ العقوبة المقررة، ويتم منعه من العودة للعمل في المملكة.
- منع مزاولة النشاط التجاري
يُمنع المخالف من ممارسة أي نشاط تجاري جديد لمدة تصل إلى خمس سنوات، وذلك لضمان عدم تكرار المخالفة ومنع الاستفادة غير المشروعة من النشاطات التجارية.
- التشهير
يتم نشر حكم الإدانة في وسائل الإعلام المحلية على نفقة المخالف، كإجراء إضافي لردع الآخرين عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.
- التبليغ عن المتستر عليهم
يُشجع النظام على التبليغ عن حالات التستر التجاري، حيث يمكن أن يحصل المبلغون على مكافآت مالية تصل إلى 30% من قيمة الغرامات المحصلة بعد صدور الحكم النهائي.
اطلع على: نموذج مخطط العمل التجاري Word جاهز وأهم 7 نصائح عند كتابة النموذج
أهمية العقوبات
التستر التجاري جريمة تتطلب مواجهة حازمة من خلال تطبيق عقوبات صارمة ورادعة، ومن خلال هذه العقوبات تسعى المملكة إلى الحفاظ على استقرار ونزاهة سوق العمل والتجارة، وضمان بيئة تجارية صحية تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، وتهدف هذه العقوبات إلى:
- ردع المخالفين: حيث تشكل الغرامات المالية والسجن والمصادرة عواقب وخيمة تعيق التفكير في ارتكاب الجريمة.
- حماية الاقتصاد الوطني: من خلال ضمان بيئة تجارية عادلة ومنظمة، خالية من الممارسات غير القانونية.
- تعزيز المنافسة العادلة: عبر إزالة العوائق التي تخلقها ممارسات التستر التجاري، مما يتيح للشركات العاملة بنزاهة تحقيق النجاح على أساس قدراتها الحقيقية.